ما يراه سيادة النائب ان العمل الذي كتبه "جون بول سارتر" منذ عقود لا يتناسب مع ثقافة وآداب المجتمع المصري ، عن اي ثقافة نتحدث؟ ثقافة الجواب بيبان من عنوانه ؟ هل هذه هي الأزمة ؟ عنوان الرواية ؟ المومس الفاضلة … يالها من كلمة فجة تخدش حياء الشعب المصري وتوجب وجود رقابة صارمة . ربما لم يلاحظ سيادته أنها قيلت صراحة في فيلم بداية ونهاية عن رواية نجيب محفوظ و كذلك على خشبة المسرح لنفس الرواية. الأولى بالرقابة كلمات اغاني المهرجانات ، الأولى بالرقابة حفلات تعري محمد رمضان . بل الأولى بالرقابة الاعمال المسرحية التي ليس لها علاقة بالمسرح والتي تحولت لمجرد ارتجال يعتمد على (الألش الرخيص)
ومن الواضح ان سيادة النائب لم يكلف نفسه عناء قراءة الرواية قبل أن يلقيها بحجارة الاتهامات . وربما تصور أنها تحكي مغامرات امرأة سيئة السمعة او فتاة ليل مستهترة . الرواية التي كتبها سارتر دفاعاً عن الفضيلة بل عن أرقى الفضائل في أي مجتمع ألا وهي المساواة ، العدالة.
فتدور أحداث مسرحية المومس الفاضلة والتي استوحى كاتبها أحداثها من واقعة حقيقة تعرف إعلاميا بـ«فتية سكوتسبورو»، حول فتاة ليل تدعى «ليزي» والتي تكون هي الشاهدة الوحيدة على واقعة اعتداء رجل أبيض على فتاة ليل داخل القطار، ولكن توجه الاتهامات إلى راكب أسود البشرة والذي يهرب في محاولة لإثبات براءته.
وتتعرض «ليزي» لضغط شديد من قبل والد الرجل الأبيض، وهو سيناتور في مجلس النواب الأمريكي، في محاولة لجعلها تشهد ضد الرجل الأسود في المحكمة، وأمام هذا الرفض يهددها بالقبض عليها بتهمة ممارسة البغاء.
وتعتبر قضية «فتية سكوتسبورو» هي الحدث الحقيقي الذي استوحى منه الكاتب العالمي أحداث مسرحية، وحدثت الواقعة في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1931، عندما اتهمت سيدتان أمريكيتان 9 مراهقين من أصول أفريقية بالاغتصاب وتمّ الحكم على 8 منهم بعقوبات تتراوح بين الإعدام والسجن لمدة 75 عامًا، دون محاكمة عادلة أو توقيع كشف طبي على السيدتان للتأكد من ارتكابهم للواقعة.
ربما كان اختيار سارتر لمهنة فتاة الليل هو أنسب طريقة لإهانة نظام العدالة والنظام البرلماني، ليخبرهم جميعاً ان هذه الغانية التي تأكل من بيع لحمها هي اكثر شرفاً منكم . ومن هنا أصبحت نموذج سينمائي يوجه به النقض لمشاكل المجتمع حتى في السينما المصرية فالمومس الفاضلة هي نور في اللص و الكلاب لكمال الشيخ وهي صباح في الهروب لعاطف الطيب
وغيرها العديد من الأدوار . باختصار فإن المومس الفاضلة هي كل من اضطرته ظروف حياته لسلوك غير سوي ولكن في موقف الحق نجد انه اكثر شرفاً ممن يرتدون ثياب الشرف لتغطي ما تحمل عقولهم من عنصرية و عنف و جهالة