كوكو شانيل .. لازالت شريهان تحمل الكثير

بعد سنوات من غياب عظمة المسرح و انتشار الإسفاف و الارتجال المبتذل تعود بنا شريهان للعصر الذهبي للمسرح بل و تقدم ثورة في عالم المسرح كيف لا و هي تقدم عمل يتحدث عن الثورة على المألوف تأكيداً على حرية الفنان في الإبداع و دورها في الوصول به إلى أعلى درجات سلم المجد ، في عمل مسرحي عالمي  من تأليف  مدحت العدل

لا أعلم من أين أبدأ الحديث بعد هذه الجرعة من الإبداع و الجمال المتواصل ، جلست بانتظار طرح المسرحية و فوراً بدأت المشاهدة لكني لم أكن أتخيل أن شريهان لازالت تملك كل هذه الطاقة  لتؤدي الاستعراضات كفتاة في العشرين و هذا مالم يوضحه إعلانها الرمضاني ، لهذا تفاجأت بأدائها فهي تخرج من كل لوحة استعراضية لنرى ممثلة وصلت لمرحلة عالية من النضج بدون مبالغة في الأداء لتعود بنا ثانية باستعراض أجمل من سابقه ولا أستطيع إلا أن أبقى ساكناً أمام كم الإبهار من لوحة لأخرى من خلال عمل متكامل في كل عناصره الديكورات غاية في العظمة والفخامة ، للمهندس محمد عطية، واقعية جداً و عملية جداً صنعت للمسرح بتقنية سينمائية فأنت ترى مثلاً الأتيليه الخاص بها من زاويتين ، من الداخل و من الخارج لتتغير مع دورانه الخلفية بمؤثرات الفيديو

 

كذلك أبهرني إتقان الملابس سواء ملابس شريهان أو باق أعضاء العمل حتى المجاميع ، الملابس متقنة التصميم و الصنع تؤكد دراسة الفترة الزمنية قبل و بعد ثورة كوكو شانيل في صناعة الملابس، للمصممة ريم العدل
وموهبة أخرى تضاف لشريهان التي قامت بدور( ستايليست )  ملابسها بنفسها وهذا سبب اتقانها لأحد المشاهد التي شاركها به الفنان آسر ياسين حيث كانت تحدثه أثناء عمل بروفا لإحدى الفتيات فتراها تركب الأكمام و الدبابيس و كأنها كوكو حقاً و لم تفقد تركيزها للحظة

 

أما الاستعراضات و تصميمها لهاني أباظة وإخراجها مسرحياً و تلفزيونيا للمخرج هادي الباجوري ومدير التصوير أحمد المرسي فحدث و لا حرج 
ففي أحد المشاهد يخرج بك الاستعراض من المسرح لعالم الخيال السينمائي في مشهد رومانسي تطير فيه كوكو مع الضابط الألماني بين الكواكب، ثم للوحة أخرى تراقص فيها كوكو ظل الضابط  ليتحول الظل الأسود لشخص كامل الأبعاد لكنه يظل مجرد ظل أسود، في خلط بين الخيال و الواقع

 

وأقوى الصور الاستعراضية و أعنفها مشهد يصور غضب الناس عليها و تعنيفهم لها و وضعها بقفص الاتهام بالخيانة  و هناك استعراض فردي لشريهان استخدم فيه الكاميرا المحمولة بدون تقطيع فهو لقطة فردية ناهيك عن استخدام زوايا أبعد ما تكون عن المسرح بما فيها زاوية عين الطائر في الاستعراض الأخير ليصنع الراقصون الشعار الخاص بكوكو ، وهذا ما أطلق عليه ثورة في التصوير التلفزيوني لعمل مسرحي
ولا أفوت دور المونتاج الرشيق للمونتير أحمد حافظ 

 

ويكتمل العمل الاستعراضي بموسيقى راقية  لإيهاب عبد الواحد تتنقل بنا بين حالات كوكو من اليأس للحب للأمل والتحدي، لينتهي بمشهد موت كوكو على ماكينة الخياطة لتصعد روحها طائرة بزيها الملائكي، على صوت المطربة الفرنسية إديث بياف ، لا لست نادمة ، لتأكد لنا شريهان أنها لازالت تحمل في جعبتها الكثير و الكثير