رغم أن أغنية عتمة للفنانة الشابة سمر طارق (غناء و كلمات و لحن)
لم تنفذ في الأصل لمسلسل سفاح الجيزة. إلا أن تحليل الحالة يؤكد أنها أنسب اختيار جاء بحرفية من المخرج هادي الباجوري كصوت للضحايا من العالم الآخر .
شرح الكلمات
تبدأ الأغنية بوصف حال فتاة تتحدث عن استيقاظها في مكان مظلم فتقول "صاحي بعتمة ".
"بين شفافي ننادي ننادي" . فبعد أن وصفت الظلام وصفت ماتفعله بأنها تنادي بين شفتيها . أي أن صوتها لا يتخطى شفتاها فصوتها لا يخرج وهو وصف حالة الكابوس .صراخ مخنوق و مامن مجيب
ثم تستكمل وصف المكان بأنه لا يوجد به صوت و لا ضوء فهي حبيسة جدران وحوائط معزولة عن العالم .
يسيطر عليها صوت من داخل رأسها يأمرها بهمس بالخوف وهو الأمر الطبيعي نتيجة ما يحيط بها من صمت و ظلام و عجز عن الصراخ .
ثم تستكمل "شايف جسمي لفوق جنب الدخان" . و هو عكس ما يصفه من يقترب من الموت حيث تصعد روحه فترى جسمه على الأرض . أما من يتحدث هنا فهو الجسد الذي -وبالعكس- يرى الروح بين السحاب (الدخان) وهو مستلق في مدفنه .
وبعد فاصل موسيقي من أجواء الحلم أو الكابوس تلتفت من الحديث عن نفسها بشكل فردي ليتحول الحديث لصيغة الجماعة . فتصف فئة من مجتمعها و أفعالهم تجاه الفئة الأضعف . فكلما بنوا أسوار و جدران كان هذا على حسابنا و مقابل هدمنا و القضاء علينا .
هم يمثلون دور أصحاب المبادئ ويتظاهرون بالشرف في حين أنهم يسرقوننا . والنتيجة أنه في وقت نضوج أحلامها كفتاة وامرأة تفتحت أيامها كالزهرة تدهسها هذه الفئة الطاغية وتطحنها أمام عينيها .
ويتجلى جمال التوزيع الموسيقي في ختام الأغنية بتسارع المؤثرات التي تشبه أصوات التروس مع صوتها و هي تكرر سور . دور لتنهي صوتها بصرخة قاسية من القلب لعل أحداً يسمع .
علاقة الأغنية بمسلسل سفاح الجيزة
عمق كلمات الأغنية جعلها تصلح لأكثر من مناسبة فهي تصلح كصرخة اجتماعية من امرأة تشعر بالكبت و الاضطهاد .
كما تصلح كصرخة سياسية من شخص أياً كان نوعه يشعر بالظلم و التسلط و ربما الاحتلال .
أو صرخة من فئة مطحونة على يد فئة أعلى في الهرم الاقتصادي .
أما عن المسلسل فإن الكلمات جاءت و كأنها كتبت بيد إحدى ضحايا السفاح والتي استيقظت لتجد نفسها مدفونة ولا مستجيب لصرخاتها المختنقة بل و تتحدث و كأنها تصف الفاعل و سلوكه من نهب لأموال ضحاياه قبل التخلص منهم بدم بارد ليزيد رصيده .
هذا السفاح الذي يتظاهر بالورع و التقوى و فعل الخير و يمتلئ هاتفه بالأدعية و الوعظ و هو لص ماجن .و كثر هم من على شاكلته أصحاب الأقنعة الكاذبة من ساسة و دعاة و إعلاميين مع أو ضد في كل الجبهات هناك يقبع سفاح يعيش على دماء ضحاياه .
وهكذا تنتهي حياتها عندما تبدأ أحلامها في الإشراق أو هكذا كانت تعتقد . فقد تحولت أحلامها لكابوس .
محمد فاروق
03/09/2023