قبل أن أتناول مناقشة الفيلم لابد من سرد قائمة بالأفلام المصرية التي شاركت في المسابقة الرسمية لمهرجان كان للمنافسة على السعفة الذهبية منذ انطلاق المهرجان والذي يرجع تأسيسه إلى عام 1946
قائمة كاملة بالأفلام المصرية في مهرجان كان
دنيا (1946) – محمد كريم
مغامرات عنتر وعبلة (1949) – صلاح أبو سيف
البيت الكبير (1949) – أحمد كامل مرسي
ابن النيل (1952) – يوسف شاهين
ليلة غرام (1952) – أحمد بدرخان
الوحش (1954) – صلاح أبو سيف
صراع في الوادي (1954) – يوسف شاهين
حياة أو موت (1955) – كمال الشيخ
شباب امرأة (1956) – صلاح أبوسيف
الليلة الأخيرة (1964) – كمال الشيخ
الحرام (1965) – هنري بركات
الأرض (1970) – يوسف شاهين
الوداع يا بونابرت (1985) – يوسف شاهين
المصير (1997) – يوسف شاهين
بعد الموقعة (2012) – يسري نصر الله
يوم الدين (2018) – أبوبكر شوقي
كل هذه القائمة وخلفها المئات من الأفلام المصرية التي تمتعت بكل ما يقوم عليه العمل السينمائي من قصة وسيناريو وحوار وتصوير ومونتاج وموسيقى وإخراج لقامات ساهمت في صناعة السينما والارتقاء بها على مر ما يزيد عن قرن من الزمان. على رأسهم فتى باريس المدلل يوسف شاهين الذي قدم كل ما يرضي المدرسة الفرنسية إلا أنه لم يقدم القدر الكافي. ليأتي أخيراً العمل الأكثر إثارة للغثيان
هل قدم الفيلم صورة واقعية لمن هم تحت خط الفقر في المناطق العشوائية المصرية والتي في طريقها للزوال؟
ربما شاهدت في حياتي ما هو أسوأ من هذا المنزل فأبطال الفيلم في بيت به أكثر من أربع جدران وحمام ومطبخ. وبالفعل يوجد في مصر حتى يومنا هذا من يعيشون بدون الماء والكهرباء. لكن حتى هؤلاء لا يرضون بالعيش كالخنازير وسط هذا الكم من القاذورات.
الفيلم لا يقوم بتشريح المجتمع ومعالجة مشكلة الفقر والتهميش بقدر ما يساهم في اعتياد العين على رؤية كل ما هو مقزز
ومثير للغثيان. فالفقراء لا يتركون مكان دواجنهم بهذا القدر من الوسخ. فما بالك بكون هذه الدجاجة هي رب البيت. يؤكد على مخلفاتها ومرضها وإفرازاتها ويكاد يدخل المصور من مؤخرتها. تجلس على الأرض حيناً وعلى السرير حينا. ناشرة للأوساخ في كل مكان.
حتى في أحد مشاهد المغازلة يقوم صديق الزوج الغائب بمراودة الزوجة عن نفسها في سيارته الخردة في مكان مقطوع. وماذا تكون وسيلته لإغرائها. الطبيعي أن يقوم الذكر بفرد ريشه واستعراض ألوانه. ويقوم الرجل عادة في السينما بوضع عطر أو معطر للفم أو تعديل هندامه لكن ما حدث وبجملة القذارة يقوم هذا الذكر بالخروج من السيارة للتبول لنسمع صوت قرقعة بوله. وهذا ما أسميه شذوذ فني قد يرضي ذوق المهرجان الفرنسي
المستوى الفني للفيلم
قد يري البعض أن التجارب الجديدة من هذا النوع هي إضافة أو صيحة فنية جديدة. تكسر تابوهات اجتماعية, ولكن ما يصعب كسره هو التذوق الفني ومعايير الجمال السينمائي.
ضرب لي أحد الأصدقاء مثالاً. الفيلم الكوري (الطفيلي) والحائز على جائزة أوسكار وأنه تناول هذه الطبقة. فكان أفضل مثال لعرض وجهة نظري. فالفرق شاسع بين العملين فالفيلم الكوري يقارن بين طبقتين في مشاهد واقعية جداً بصورة فنية جداً. استخدام الأماكن والديكور والإضاءة. تمكن الممثلين المحترفين من أدواتهم. اكتمال الفكرة حتى النهاية
أما ريش فبه العديد من العيوب الفنية على مستوى الصورة هناك مشاكل في التكوين وكسر لأبسط قواعد التصوير السينمائي. بخلاف مشاكل الإضاءة. وهذا بشهادة واحد من أهم أساتذة التصوير السينمائي في عصرنا الأستاذ سعيد شيمي
إيقاع الفيلم ممل جداً ومشاهد طويلة بدون حوار. حشر لسلوكيات غريبة دون مبرر كالرجل الراقص في المقهى بحركات نسائية سخيفة. مشاهد الدم بدون مبرر حتى العيادة البيطرية هي أشبه بالزريبة مليئة بالروث. كل العملات النقدية قديمة ومهلهلة. حتى عندما عملت الزوجة في مكان فخم لم نشاهد سوى تعبئتها للحوم بشكل مرعب كل شيء يضفي جو من الغثيان.
سيناريو الفيلم ضعيف جداً فهو واقعي قائم على عقدة من الفانتازيا ليس لها مبرر. فكان من الممكن اختفاء الزوج بشكل واقعي أو استكمال العمل بشكل فنتازيا دون هذا الخليط المستفز. ليعود الزوج في النهاية شبه ميت فتقوم الزوجة بقتله بمنتهى الهدوء
أخيراً الفيلم يعتمد في موسيقاه على مقطوعات أو أغاني ليس لها أي علاقة بالمشهد
أما الممثلين فهم لم يقوموا بأي دور فإحضار سيدة وأم تقوم طول الفيلم بأعمال المنزل من إرضاع وطبخ ووقوف أو جلوس في صمت. فهذا ليس تمثيلاً على الإطلاق واضح جداً تجنب الحوار لعدم الوقوع في مشاكل ظهرت أحياناً عندما نطقت
وقس على هذا أداء باق الممثلين يتحركون بشكل آلي باستثناء الزوج والذي توقف دوره معظم الفيلم لتحوله لدجاجة
ربما أعجب الفرنسيون بالعمل اعتقاداً منهم أنهم أمام ممثلون عباقرة أدوا أدوارهم ببراعة
أو ربما تعمدوا ذلك ليمحوا تاريخ مصر السينمائي بإبراز مثل هذه الأعمال وتصديرها كواجهة للسينما المصرية
بالنسبة لي ما تتعرض له السينما المصرية من انهيار هي جريمة متعمدة من الخارج والداخل